رسالة نصية مرعبة أرسلها راكب في رحلة MH370 تحل لغز الاختفاء…

أحدثت هذه الرسالة صدمةً في الطاقم الفني، جعلتهم يقفزون من مقاعدهم كما لو صُعقوا بالكهرباء. صدر الصوت من جهازٍ ظلّ صامتًا لعشر سنوات طويلة – راكبٌ يُفترض أنه ميت، على متن طائرة أُعلن رسميًا اختفائها تمامًا. لا حطام، لا إشارة، لا تفسير. ولكن إذا كانت هذه الرسالة حقيقية، فربما كان كل ما ظننا أننا نعرفه عن رحلة الخطوط الجوية الماليزية MH370 قصةً مُحكمة، والحقيقة لا تزال مدفونة تحت الأمواج، تنتظر الظهور.

في 8 مارس 2014، انطلقت رحلة الخطوط الجوية الماليزية MH370 بهدوء من مدرج كوالالمبور، وعلى متنها 239 شخصًا متجهين إلى بكين. تحت سماء الليل الهادئة، لم يكن أحد ليتخيل أنهم على وشك أن يصبحوا جزءًا من أعظم لغز طيران في القرن. في تمام الساعة 1:19 صباحًا، تلقت مراقبة الحركة الجوية رسالة أخيرة من قمرة القيادة: “تصبحون على خير، أيها الماليزيون 370”. بدت الرسالة روتينية ومهذبة وتقليدية. ولكن بعد دقيقتين فقط، تم إيقاف جهاز الإرسال والاستقبال الخاص بالطائرة – الجهاز الذي يرسل موقعها إلى الرادار المدني – يدويًا.

منذ تلك اللحظة، اختفت الطائرة الماليزية رقم MH370 من جميع أنظمة التتبع المدنية. لا إشارة استغاثة، ولا نداء طوارئ، ولا وداع من الطاقم. لم تتحطم الطائرة فورًا؛ بل أكد تقرير لاحق من الجيش الماليزي أن رادارهم استمر في تتبع مسار الطائرة الغريب لمدة ساعة تقريبًا بعد اختفائها من الأنظمة المدنية. بدلًا من التوجه مباشرةً إلى بكين، استدارت طائرة البوينغ 777 فجأةً، وحلقت غربًا عبر شبه الجزيرة الماليزية، ثم انعطفت بهدوء جنوبًا فوق مضيق ملقا.

حدث كل هذا في صمت مطبق. لا إنذارات، ولا نداءات استغاثة، ولا مؤشرات على عطل ميكانيكي. أما الجزء الأكثر إثارة للدهشة؟ يُعتقد أن الطائرة حلقت لمدة ست إلى سبع ساعات أخرى بعد ذلك، بناءً على إشارات المصافحة – وهي إشارات تلقائية متبادلة بين الطائرة وقمر إنمارسات الصناعي. ووفقًا لتقرير صادر عن بي بي سي نيوز في يونيو 2014، أشارت هذه المصافحات الدورية عبر الأقمار الصناعية إلى أن الطائرة MH370 استمرت في الطيران لأكثر من سبع ساعات بعد مغادرتها كوالالمبور، حيث كانت وجهتها النهائية متجهة نحو جنوب المحيط الهندي النائي، بعيدًا عن أي مسارات طيران تجارية.

بينما كان المحققون يحيرون اللغز، بدأوا يشكون في أن ما حدث لم يكن حادثًا عرضيًا. اعتقد البعض أنه عطل فني، أو فقدان السيطرة، أو اختطاف. لكن كلما تعمقوا في تحليل البيانات، أشارت الأدلة إلى أمر أكثر رعبًا: ربما يكون أحد على متن الطائرة قد نفذ خطة عمدًا. أوقفوا جهاز الإرسال والاستقبال، وأعادوا رسم مسار الطائرة، وقادوا طائرة بوينغ 777 إلى منطقة ميتة في المحيط – منطقة خالية من محطات الرادار، والتغطية اللاسلكية، والشهود.

في عام ٢٠١٩، زعم الصحفي ويليام لانغويش أن الكابتن زهاري أحمد شاه كان على الأرجح مسيطرًا على الرحلة بأكملها، استنادًا إلى بيانات جهاز محاكاة قمرة القيادة وتحليل سلوك الركاب. إلا أن الحكومة الماليزية لم تؤكد هذه النظرية رسميًا، مما زاد من غموض رحلة MH370. إذا كان الكابتن زهاري مسؤولًا بالفعل، فإن رحلة MH370 لم تختفِ عشوائيًا، بل أُخفيت عمدًا، بمسار محدد، وتوقيت دقيق، ودوافع لا تزال غامضة.

ثم في عام ٢٠٢٤، وخلال مشروع مستقل أجرته مجموعة من خبراء الطيران المدني ومهندسي تكنولوجيا البيانات، اكتُشفت حزمة إشارات غريبة بشكل غير متوقع في أرشيف البيانات الوصفية لقمر إنمارسات الصناعي. كانت هذه البيانات قد رُفضت باعتبارها تداخلاً خلال عمليات المسح الأولية عام ٢٠١٤. ومع ذلك، باستخدام تقنيات فك التشفير الحديثة، استخرج فريق البحث جزءًا من الإشارة أذهلهم. كانت رسالة أُرسلت مباشرةً عبر نطاق تردد القمر الصناعي، وسُجِّلت باسم جانغ وي، وهو راكب صيني تأكد وجوده على متن الرحلة MH370.

ظهرت الرسالة الساعة 2:20 صباحًا، أي بعد حوالي ساعة من فقدان الطائرة اتصالها بالرادار المدني. وجاء فيها: “إنهم ينقلوننا إلى مكان ما. الإشارة ضعيفة. لسنا متأكدين من نجاتنا” . أثار هذا الكشف موجةً من التكهنات. فإذا كان أحد الركاب لا يزال واعيًا، وقادرًا على إرسال رسائل، ومرعوبًا للغاية، فماذا يعني ذلك بالنسبة لمصير الآخرين على متن الطائرة؟

لسنوات، كانت النظرية السائدة هي أن ضغط مقصورة الطائرة انخفض، مما تسبب في فقدان جميع الركاب وأفراد الطاقم للوعي بسبب نقص الأكسجين. وهذا يفسر عدم إجراء أي مكالمات، وعدم استغاثة أحد، وعدم العثور على رسائل وداع. ولكن الآن، لو كان جانغ وي مستيقظًا، ولديه هاتف يعمل، ويستطيع إرسال رسالة، لسقطت قصة فقدان الوعي الجماعي برمتها.

بدأ خبراء سلامة الطيران من أستراليا والولايات المتحدة بالمطالبة بإعادة فحص شاملة لجميع البيانات المخزنة في إنمارسات ومحطات الاستقبال الأرضية. وقدمت عائلة جانغ وي التماسًا لإعادة فتح التحقيق الرسمي، زاعمةً أن الحكومة الماليزية حجبت عمدًا إشارات الإنقاذ التي ربما تم تجاهلها في الأيام الأولى للبحث. وأكدت قناة ABC News أنه تم حذف ثلاثة تقارير فنية على الأقل من التحقيق الرسمي الصادر عام ٢٠١٨، وأشار أحدها إلى تدفق بيانات تالف أظهر آثار نص.

أدى هذا إلى المزيد من التساؤلات: من كان يتحكم بالطائرة؟ لماذا كان جانغ وي مستيقظًا بينما كان يُعتقد أن جميع ركاب الطائرة فاقدي الوعي؟ ما الذي حدث بالفعل فوق المحيط حيث لم يسمع أحد نداءات الاستغاثة الأخيرة؟ أو بالأحرى، سمعها أحدهم لكنه اختار الصمت.

من عام ٢٠٢٣ إلى عام ٢٠٢٥، بدأ سباق هادئ بين محققين مستقلين وخبراء تقنيين لإعادة بناء مأساة الرحلة MH370 بالكامل، بالاعتماد فقط على بيانات أُهملت لعقد من الزمن. بمساعدة الذكاء الاصطناعي ونماذج التعلم العميق، شارك باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) ومعهد سنغافورة لعلوم البيانات في تأسيس مشروع ” القيامة الرقمية” . طوّر الباحثون محاكاة ثلاثية الأبعاد كاملة لمقصورة ركاب الرحلة MH370، بالاعتماد على خرائط المقاعد وبيانات الركاب وإشارات الأجهزة الفردية المتصلة بالقمر الصناعي.

لم يكن هذا المشروع مجرد إنجاز تكنولوجي، بل كان رحلةً عاطفيةً. عندما أعاد النموذج عرض اللحظات الحاسمة التي يُعتقد أنها آخر لحظات اكتشاف الحياة، اتضح أن المقصورة لم تكن في حالة فوضى عارمة. بل كانت صامتة، لكنها صمتٌ يحاول أحدهم كسره. في حال نجاحه، سيُمثل هذا أول مرة في تاريخ الطيران يتم فيها فك شيفرة اختفاء دون حطام، ودون صندوق أسود، من خلال البيانات فقط.

لو كانت رسالة جانغ وي حقيقية، لفوّت علينا صرخة الاستغاثة الأخيرة من شخص حقيقي، حيّ، مرعوب، ويائس. رحلة MH370 ليست مجرد عطل فني أو خلل في الرادار؛ إنها مأساة 239 إنسانًا مدفونين تحت بيانات هامدة. لم ينقذهم أحد. لم يُجبهم أحد. نُسيوا. ومع ذلك، قد تكون تلك الرسالة الهشة والمكسورة هي الصوت الوحيد الباقي.

لا يزال لغز رحلة MH370 من أكثر قصص الطيران إثارةً للرعب، إذ يتردد صداه في تساؤلاتٍ بلا إجابات. من هم؟ شخص واحد؟ مجموعة؟ قوة خفية؟ ولماذا تمكنوا من إبعاد طائرة بوينج 777 و239 شخصًا عن العالم في صمتٍ تام؟ إلى أن تُجاب هذه التساؤلات، لن تكون رحلة MH370 مجرد حادث؛ بل ستبقى أعظم لغز في عصرنا.

بينما نواصل البحث عن الحقيقة، تتردد أصداء رسالة جانغ وي الأخيرة: “إنهم يأخذوننا إلى مكان ما. الإشارة ضعيفة. لسنا متأكدين من نجاتنا”. في هذا الصمت المطبق، تكمن شهادة على أرواح أُزهقت، وتذكير مرعب بأن أعمق الأسرار أحيانًا هي تلك التي تبقى طي الكتمان.

Related Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *