مخفي لقرون: !لقد تم الكشف عن الوجه الحقيقي ليسوع بواسطة معجزة حديثة!

لقرون، ظل كفن تورينو أحد أكثر الآثار غموضًا وتبجيلًا في التاريخ المسيحي. يعتقد الكثيرون أنه كفن الدفن الذي لُفّ به يسوع المسيح بعد صلبه، وقد أسر هذا الكتان القديم قلوب المؤمنين والمؤرخين والمتشككين على حد سواء. والآن، بفضل الذكاء الاصطناعي المتطور، ربما لمح العالم وجه يسوع كما كان يبدو قبل أكثر من ألفي عام. وقد أثارت صورة ومقطع فيديو مذهلين، مُولّدين بواسطة الذكاء الاصطناعي، يحملان العلامات الموجودة على الكفن، دهشة وجدلًا وتأملًا حول العالم.

آثار مقدسة تلتقي بالتكنولوجيا الحديثة

كفن تورينو، المحفوظ منذ عام ١٥٧٨ في الكنيسة الملكية بكاتدرائية سان جيوفاني باتيستا في تورينو، إيطاليا، هو قطعة قماش من الكتان طولها أربعة أمتار تحمل صورة رجل ملطخة بالدماء. وقد ارتبطت الصورة، التي تحمل آثار جروح تُذكر بالصلب (علامات شوك على الرأس، وجروح قطعية على الظهر، وكدمات على الكتفين)، برواية موت يسوع في الكتاب المقدس. ووفقًا لما جاء في إنجيل متى ٢٧: ٥٩-٦٠، لف يوسف الرامي جسد يسوع بكفن من الكتان قبل وضعه في قبر، حيث يعتقد المسيحيون أن الصورة طبعت بأعجوبة أثناء قيامته.

باستخدام ميدجورني، وهو مُولّد صور قويّ يعمل بالذكاء الاصطناعي، قام باحثون في صحيفة ديلي إكسبريس بإدخال صور الغلاف في النظام، ما أنتج صورةً واقعيةً لرجلٍ ذي شعرٍ داكنٍ طويلٍ ولحيةٍ وتعابيرٍ هادئة. الفيديو الناتج، الذي يُظهر الشخص وهو يرمش ويبتسم ويصلي، لاقى استحسانًا من البعض، ووصفه البعض بأنه “الوجه الحقيقي ليسوع”. انتشر المقطع على نطاقٍ واسعٍ على منصة X، وأثار نقاشًا حادًا، حيث أبدى المستخدمون إعجابهم بالتصوير الحيوي، بينما شكّك آخرون في دقته التاريخية.

وجه يتحدى التقاليد

تُشبه الصورة المُولّدة بالذكاء الاصطناعي بشكلٍ لافتٍ الصور الكلاسيكية ليسوع في الفن الغربي، بشعره الطويل ولحيته وسلوكه اللطيف. إلا أن هذا التصوير أثار جدلاً حول صحته. فقد لاحظ الكثيرون أن صورة يسوع المُولّدة بالذكاء الاصطناعي تبدو قوقازية، وهو تصوير يتماشى مع التقاليد الفنية العريقة، ولكنه يختلف عن الأدلة التاريخية. وقد أشارت الدكتورة ميريديث وارن، المحاضرة البارزة في الدراسات الكتابية والدينية بجامعة شيفيلد، إلى أن يسوع، كرجل من الشرق الأوسط، كان من المرجح أن يكون ذا بشرة بنية وعيون داكنة ومعطف قصير مجعد، وهي سمة مميزة لسكان المنطقة حوالي عام 33 ميلادي.

تُقدم عمليات إعادة البناء التاريخية منظورًا مختلفًا. تُصوِّر صور المومياوات المصرية من القرن الأول الميلادي، والتي رُسمت في مناطق مثل فلسطين وإسرائيل، رجالًا ذوي بشرة داكنة وعيون بنية وشعر مجعد. وبالمثل، في عام ٢٠١٥، استخدم الفنان الطبي ريتشارد نيف تقنيات الطب الشرعي لإعادة بناء وجه رجل من يهودا من الفترة نفسها. كشفت صورته عن وجه عريض، وبشرة سمراء، ولحية كثيفة، وشعر قصير مجعد – وهي سمات تُرجَّح أنها أقرب إلى مظهر يسوع من تفسير الذكاء الاصطناعي. تُشكِّل هذه النتائج تحديًا للتصورات الأوروبية التقليدية ليسوع التي سادت الفن لقرون.

لغز مورتيو الدائم

لا يزال كفن تورينو مثار جدل. تُظهر بقعه البنية الباهتة رجلاً هزيلاً، يبلغ طوله حوالي مترين، مصابًا بجروح تُشير إلى قصة صلبه. يعتقد العديد من المسيحيين أن هذه العلامات حُفرت على القماش بشكل خارق للطبيعة بفعل دفقة من الطاقة الإلهية أثناء قيامة المسيح. ومع ذلك، فقد دار جدل حاد حول صحة هذه القطعة الأثرية. في عام ١٩٨٨، أشارت اختبارات التأريخ بالكربون إلى أن الكفن صُنع بين عامي ١٢٦٠ و١٣٩٠ ميلاديًا، مما أثار شكوكًا حول صلته بيسوع. ومع ذلك، استخدمت دراسة نُشرت في مجلة “هيريتدج” عام ٢٠٢٢ تقنيات متطورة للأشعة السينية لتحديد تاريخ القماش إلى ما يقرب من ٢٠٠٠ عام، مما يُشير إلى أنه يعود إلى زمن المسيح.

قارنت دراسةٌ أُجريت عام ٢٠٢٢، بقيادة الدكتور ليبيراتو دي كارو، الكفنَ بالكتان من مسعدة، إسرائيل، والذي يعود تاريخه إلى الفترة بين ٥٥ و٧٤ ميلاديًا، ووجدت أوجه تشابهٍ ملحوظة. وجادل الباحثون بأن تأريخ الكربون لعام ١٩٨٨ كان معيبًا بسبب التلوث، والذي قد يُشوّه النتائج إذا لم يُعالج بدقة. وأوضح دي كارو: “عينات القماش معرضةٌ عمومًا لجميع أنواع التلوث، وهو أمرٌ لا يمكن القضاء عليه تمامًا”. وقد أحيت النتائج الجديدة الاعتقاد بأن كفن العالم قد يكون كفن دفن المسيح، على الرغم من أن المشككين ما زالوا غير مقتنعين.

معجزة حديثة أم وهم رقمي؟

جلبت الصور ومقاطع الفيديو المُولّدة بالذكاء الاصطناعي لغز الكفن إلى العصر الرقمي، جامعةً بين الإيمان القديم والتكنولوجيا الحديثة. بالنسبة للبعض، يُعدّ هذا التصوير الواقعي تجربة روحية عميقة، تُتيح لمحة عن الرجل الذي يعبدونه. أما بالنسبة لآخرين، فهو محاولة آسرة، وإن كانت معيبة، لالتقاط صورة لشخصية تاريخية لا يزال شكلها الحقيقي غامضًا. وكما علّق أحد المستخدمين (X) مازحًا: “مستحيل، لأنه يُشبهني وأنا نرويجي!”. يُسلّط هذا النقاش الضوء على سؤال أعمق: هل يُمكن للتكنولوجيا أن تُجسّد الفجوة بين التاريخ والإيمان، أم أنها تُخاطر بتبسيط حقيقة مُعقّدة؟

لقد استكشفت أكثر من 170 ورقة بحثية مُحكّمة أصول الكفن، دون أي إجماع في الأفق. سواءً أكان كفنًا مقدسًا أم قطعة أثرية من العصور الوسطى، لا يزال كفن تورينو يُثير الإعجاب ويُثير الجدل. يُذكّرنا تفسير الذكاء الاصطناعي، على الرغم من آسرته، بأن وجه يسوع – سواء كُشف عنه من خلال العلم أو الفن أو الإيمان – يبقى لمحة شخصية عميقة ومُثيرة للجدل. مع تقدم التكنولوجيا، قد تُقرّبنا من فهم الماضي، لكن سرّ الكفن، والرجل الذي يُصوّره، يبقى شاهدًا على قوة الإيمان الراسخة.

Related Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *