يبدأ الصعود
في صيف عام ٢٠٠٥، وضع سكوت مكاندليس، صاحب شركة إنشاءات يبلغ من العمر ٤١ عامًا من كولورادو، نصب عينيه تسلق دينالي، أعلى قمة في أمريكا الشمالية. لم يكن متسلقًا محترفًا، ولكن بخبرة تمتد لعقد من الزمان وتسلقه عدة قمم جبال روكي، كان مستعدًا لأكبر تحدٍّ له حتى الآن. حرصًا على سلامته، استأجر سكوت مرشدًا من خلال شركة Alaska Summit Guides، وهي شركة مرموقة في أنكوريج. كان مرشده المعين هو بيمبيا لاكبا، وهو شيربا متمرس من نيبال، يتمتع بخبرة في إيفرست ومؤهلات عالية.

كانت الخطة واضحة: التأقلم، والصعود عبر المسار الاعتيادي عبر نهر كاهيلتنا الجليدي، والوصول إلى القمة في غضون أسبوعين تقريبًا. دفع سكوت 8000 دولار مقدمًا، ووقع العقد، واستعد بدقة. في 14 يونيو، سافر سكوت وبيمبيا جوًا إلى معسكر قاعدة دينالي على ارتفاع 2000 متر. كان الطقس صافيًا، والمزاج متفائلًا.
التوترات على الجبل
في الأيام الأولى، سارت الأمور بسلاسة. تحرك الثنائي ببطء، وأقاما المخيمات، وتواصلا عبر الراديو كل ليلة. ولكن مع وصولهما إلى ارتفاع 3800 متر، ساءت الأحوال الجوية وتوترت أعصابهما. في 21 يونيو، دوّن سكوت ملاحظة مقلقة في يومياته: كان بيمبيا يطالب بـ 5000 دولار إضافية نقدًا، ويهدد بالتخلي عنه إذا لم يدفع. كان سكوت قد دفع المبلغ كاملًا بالفعل. في ذلك المساء، اتصل سكوت بمعسكر القاعدة، مُبلغًا عن النزاع. نصحهما مُشغّل الهاتف بالنزول معًا وتسوية النزاع في معسكر القاعدة.

كانت هذه المرة الأخيرة التي سمع فيها أحد صوت سكوت.
الاختفاء
في 22 يونيو/حزيران، اتصل بيمبيا بمعسكر القاعدة بمفرده. زعم أن سكوت غادر الخيمة ليلًا لاستخدام المرحاض ولم يعد. قال بيمبيا إنه بحث لساعات دون أن يعثر على أي أثر. وأشار إلى أن سكوت سقط في شقّ سحيق مخفي، وهو خطر شائع على جبل دينالي.
تحرك رجال الإنقاذ بسرعة، لكن سوء الأحوال الجوية أعاق جهودهم. مشطوا المنطقة، ونزلوا إلى الشقوق، لكنهم لم يعثروا على شيء. بعد عدة أيام، ومع هبوب العواصف وانعدام الرؤية تقريبًا، أُلغي البحث. كانت عائلة سكوت في حالة حزن شديد. سافرت زوجته جوًا، وناشدت بمواصلة جهود البحث، لكن الحظوظ كانت ضئيلة. في أغسطس/آب 2005، أُغلقت القضية باعتبارها حادثًا. رسميًا، اعتُبر سكوت ميتًا، فقد في الجبل.
الشكوك المتبقية
لم تقتنع عائلة سكوت بنظرية الحادث. استعانوا بمحقق خاص كشف عن أنماط مثيرة للقلق: كان لبيمبيا تاريخ من السلوك العدواني وطلب أموال إضافية من العملاء. كما كانت عليه ديون كبيرة. لكن لم يكن هناك دليل قاطع – لا جثة، لا جريمة.
اكتشاف كهف الجليد
بعد عامين، في يوليو 2007، اكتشف فريق من مستكشفي الكهوف الكنديين، أثناء استكشافهم كهوف دينالي الجليدية النادرة، اكتشافًا صادمًا. ففي أعماق نفق جليدي عمودي على ارتفاع 3900 متر، عثروا على جثة بشرية متجمدة رأسًا على عقب، وأرجلها مربوطة بحبل تسلق بخطافات جليدية مثبتة في جدار الكهف. كانت الجثة مغلفة بالجليد، كما لو أنها غُمرت بالماء عمدًا لتسريع عملية التجميد والإخفاء.
اتصل الفريق بالسلطات. وصل حراس الغابات، والطبيب الشرعي، والمحققون. استخرجوا الجثة بعناية، ووجدوا هوية سكوت في حقيبته. كان سكوت مكاندليس مفقودًا منذ عامين، ويُفترض أنه مات في حادث. لكن هذا لم يكن حادثًا. كانت الجثة مصابة بصدمة في الرأس، على الأرجح بسبب أداة حادة. طريقة تعليق الجثة، وطبقة الجليد الإضافية، والعقدة الملتصقة، كلها تشير إلى جريمة قتل.

إعادة فتح التحقيق
عثر المحققون على أدلة حاسمة: الحبل الذي يربط ساقي سكوت كان من دفعة بيعت لشركة Alaska Summit Guides، وصدرت خصيصًا لبيمبيا لاكبا. كشف تحليل الحمض النووي عن وجود حمض بيمبيا النووي على الحبل وحلقة التسلق المستخدمة في الكهف، ودم سكوت على حزام بيمبيا. كانت الأدلة دامغة.
أُلقي القبض على بيمبيا. أنكر كل شيء، مدعيًا أن المؤامرة كانت مُدبّرة. لكن الأحداث كانت واضحة: نزاع مالي، وآخر مكالمة لاسلكية لسكوت، وقصة بيمبيا المريبة، والدليل الجنائي قاده مباشرةً إليه.
تحقيق العدالة
في مارس/آذار 2008، قُدِّم بيمبيا لاكبا للمحاكمة بتهمة القتل من الدرجة الأولى. قدّم الادعاء الأدلة: الحمض النووي، وعلامات الحبل، ودم سكوت، ومدونات يومية، وتسجيلات إذاعية. أدلى شهود بشهاداتهم، بمن فيهم مستكشفو الكهوف الذين عثروا على الجثة، وشقيق بيمبيا نفسه، الذي استذكر شكاوى بيمبيا من زبائنه غير المحترمين وضغوطه المالية.
تداولت هيئة المحلفين لمدة يومين، وأدانت بيمبيا. حُكم عليه بالسجن 25 عامًا دون إفراج مشروط، وأُمر بدفع تعويض قدره 500 ألف دولار لعائلة سكوت. استأنف بيمبيا الحكم، لكن الإدانة بقيت قائمة.
العواقب
أُحرقت جثة سكوت ونُثر رماده في جبال كولورادو التي أحبها. أخيرًا، حصلت عائلته على إجابات، رغم استمرار الألم. غيّرت القضية قواعد الإرشاد السياحي في ألاسكا: إذ أصبح المرشدون السياحيون يخضعون لتدقيقات خلفية أكثر صرامة، وفحوصات مالية، وتسجيل دخول إلزامي. أُغلق الكهف الجليدي الذي عُثر فيه على سكوت، ليُذكرنا بمخاطر الجبل.
أصبحت قصة سكوت ماكاندليس الآن أسطورة بين المتسلقين – تحذيرًا من أن أعظم التهديدات التي تواجه دينالي لا تتمثل دائمًا في الطقس أو الجليد أو الارتفاع، ولكن في بعض الأحيان، في الشخص الذي تثق به لقيادتك إلى أعلى الجبل.