في 14 مارس 1991، صعد عشرة أطفال مليئين بالحماس إلى حافلة صفراء لرحلة ميدانية كانت ستكون مصيرية، ليختفوا دون أثر، حتى عُثر بعد أحد عشر عامًا على حافلة صدئة مدفونة جزئيًا في الغابة، تحمل علامات غامضة وأسرارًا لم تُحل بعد.

في صباح 14 مارس 1991، استيقظت قرية صغيرة في جنوب المكسيك على حدث كان سيصبح لاحقًا واحدًا من أكثر حالات الاختفاء غموضًا في التاريخ الحديث. كان اليوم مشمسًا، مع نسمات الربيع الأولى، حيث صعد عشرة أطفال تتراوح أعمارهم بين ثماني وعشر سنوات، يرتدون قمصانًا بيضاء وأحزمة زرقاء، إلى حافلة مدرسية صفراء لرحلة ميدانية. المعلمة، بمظهرها الجاد وشعرها المربوط، دونت أسماءهم بعناية، دون أن يخطر ببال أحد أن هذا سيكون الوداع الأخير.

غادرت الحافلة الصفراء اللامعة، تاركة وراءها سحابة من الغبار، بينما ترددت ضحكات الأطفال مع هدير المحرك. كان الوجهة عبارة عن متنزه طبيعي يبعد ساعتين فقط، لكن الحافلة لم تصل أبدًا. مع مرور الساعات دون عودتهم، اجتاح الذعر القرية، وبدأت الشرطة عمليات البحث، بمساعدة مروحيات ومتطوعين جابوا الجبال والأنهار، لكن دون أثر.

تحول اليوم إلى كابوس جماعي، حيث انهارت العائلات تحت وطأة الغياب الغامض. سيطرت القصة على عناوين الصحف الوطنية، التي وصفتها بـ”الرحلة الملعونة”، لكن مع غياب الأدلة، تم أرشفة القضية. صارت صور الأطفال، المعلقة على جدران المدارس، ذكرى باهتة، بينما تمسك الآباء بأمل متلاشٍ، يبحثون في الغابات والطرقات. انتشرت نظريات عن اختطاف أو ظواهر خارقة، لكن لا شيء كان مؤكدًا.

بعد أحد عشر عامًا، في صيف 2002، هز اكتشاف مذهل القرية مرة أخرى. عثر عمال غابات، أثناء قطع الأشجار في منطقة نائية، على حافلة مدرسية صدئة مدفونة جزئيًا. رقم التعريف على جانبها تطابق مع الحافلة المفقودة منذ 1991، مما أثار ذهول الجميع.

كانت الحافلة مغطاة بالطحالب والصدأ، ونوافذها محطمة، وكأن الأرض ابتلعتها ببطء. عند فتح الباب، انبعثت رائحة كريهة، وكان الصمت داخلها ثقيلًا بشكل مخيف. عُثر على حقائب ظهر متآكلة، ودفاتر تحمل رسومات باهتة، وصناديق طعام بلاستيكية متآكلة، شاهدة على الزمن الطويل.

أثار الاكتشاف صدمة في البلاد، حيث هرع خبراء الطب الشرعي إلى الموقع. أكدوا وجود بقايا عظمية لعدة أطفال، لكن غياب بعض الجثث زاد من الحيرة. الأسئلة تضاعفت: كيف وصلت الحافلة إلى هذه المنطقة البعيدة؟ ومن دفنها؟

كشفت التحقيقات عن تفاصيل مقلقة: أبواب الحافلة كانت مغلقة من الداخل، وتحمل النوافذ آثار أيدٍ صغيرة كمن حاول الخروج يائسًا. عُثر على رموز غريبة محفورة في المقاعد، أشكال هندسية متكررة لم يتمكن أحد من تفسيرها. الفرضية الرسمية تحدثت عن حادث، لكنها لم تجب عن كيفية دفن الحافلة أو غياب بعض الأطفال.

لم تجلب الإجابات الراحة للعائلات، بل أعادت فتح الجراح، حيث اتهم البعض الحكومة بالتستر. انتشرت شائعات عن تجارب سرية أو قوى خارقة، مما عمق الانقسام بين الرواية الرسمية والتكهنات الشعبية. القصة أصبحت رمزًا للغموض، مع أسئلة بلا إجابة.

في وقت لاحق، كشف أحد عمال الغابات لصحفي محلي عن سر لم يخبر به الشرطة: عثروا على صندوق معدني مختوم في مؤخرة الحافلة. بداخله، كانت هناك قصاصات صحف عن اختفاء أطفال من مناطق أخرى، لكن الصندوق اختفى لاحقًا بشكل غامض. هذا الاكتشاف أثار المزيد من الشكوك حول طبيعة الحادثة.

منذ ذلك الحين، أصبحت الحافلة موقعًا محظورًا، مع سياج حكومي يحيط بالمنطقة بذريعة “خطر الانهيار”. يقسم السكان المحليون سماع ضحكات خافتة في الليل، وآخرون يتحدثون عن قشعريرة غريبة بالقرب من الموقع. هذه الروايات تغذي الأساطير المحلية، حيث يعتقد البعض أن أرواح الأطفال لا تزال محاصرة.

بعد أكثر من ثلاثة عقود، لا تزال القضية جرحًا مفتوحًا للعائلات التي لم تحصل على إجابات كاملة. الحافلة، المدفونة تحت الطحالب، تقف كشاهد صامت على لغز لم يُحل. في كل عام، تتجدد القصة في الذكرى السنوية، مع صلوات وشموع تُضاء لذكرى الأطفال.

على الرغم من محاولات السلطات إغلاق القضية، يبقى شعور بأن الجبل يخفي أسرارًا أعمق. من زار الموقع يتحدث عن طاقة غريبة، كما لو كان المكان معلقًا في الزمن. الحافلة المهجورة، مع آثارها المقلقة، تظل تذكيرًا بأن بعض الألغاز قد لا تُحل أبدًا.

Related Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *