في 14 مارس 2024، كشف فريق من عمال الهدم في سبرينغفيلد، أوهايو، عن لغزٍ مُرعب أثناء هدم مصنع نسيج مهجور. كان المصنع خاملاً منذ عام 2019، لكن جدرانه كانت تحمل أسرارًا هزت أركان المجتمع.

بينما كان الفريق يعمل في الطابق الثاني، ضربت مطرقة ثقيلة تجويفًا مخفيًا، مما تسبب في سقوط شيءٍ غير متوقع: فستان ساتان وردي اللون لحفلة التخرج، مُزين ببقع بنية داكنة.

التقط ميغيل سانتوس، أحد العاملين، الفستان ولاحظ شيئًا غير مألوف. داخل حاشية الفستان، كانت هناك حروف مخيطة بخيط بني داكن، تُشكل رسالة مؤثرة: “جينيفر والش. لم يوصلني، بل أحضرني إلى هنا”. ساد الذعر في قلب ميغيل عندما أدرك خطورة ما وجده.
كان هذا الفستان لفتاة اختفت ليلة حفل التخرج عام ١٩٨٥، وكان يحمل الكلمات الأخيرة لمراهقة ظل مصيرها لغزًا لما يقرب من أربعة عقود.
كانت جينيفر والش فتاةً ذكيةً وطموحةً في السابعة عشرة من عمرها، معروفةً بذكائها ولطفها. كانت تحلم بالالتحاق بجامعة ولاية أوهايو بعد تخرجها من مدرسة سبرينغفيلد الثانوية. في 18 مايو 1985، كانت متحمسةً لحفل التخرج، فقد ادخرت المال لشراء فستان ساتان ورديّ مثاليّ بأكمام منفوخة.
التقطت والدتها، كارول، ابتسامتها المشرقة في صورٍ فوتوغرافية قبل أن تغادر مع حبيبها، ديفيد روس، الذي كان يرتدي بدلة سهرة زرقاء فاتحة.
بدأت الأمسية بشكل رائع، لكن التوتر ازداد عندما دخل جينيفر وديفيد في جدال حاد. أفاد شهود عيان برؤيتهما بالقرب من طاولة اللكمات، حيث بدت جينيفر منزعجة، بينما بدا ديفيد غاضبًا. غادرا الحفل معًا حوالي الساعة ١١:٣٠ مساءً، لكن تلك كانت آخر مرة يُؤكد فيها رؤية جينيفر.
أخبر ديفيد الشرطة لاحقًا أنه أوصل جينيفر إلى منزلها الساعة ١١:٤٥ مساءً، وراقبها وهي تتجه نحو الباب. لكن هذه القصة كذبة. في الواقع، أوصلها ديفيد بالسيارة إلى مصنع ريفرسايد للنسيج، حيث كان والده، فرانك روس، يعمل في نوبة ليلية. كان فرانك مشرفًا في المصنع، وكان ديفيد يعلم أنه سيكون هناك.
بمجرد دخوله المصنع، أخبر ديفيد جينيفر أن والده يريد مقابلتها. ورغم ترددها، تبعته. وتلا ذلك حديثٌ تحول إلى شجار. حاول فرانك، متخفيًا في زي أب قلق، إقناع جينيفر بإعادة النظر في خططها للانفصال عن ديفيد. ولكن عندما أعربت عن رغبتها في المغادرة، حبسها فرانك في المكتب، محاصرًا إياها.
أدركت جينيفر أنها في خطر محدق. وحيدةً وخائفةً، بحثت عن مخرج، لكنها وجدت جميع المخارج مغلقة. يائسةً، قررت ترك رسالة، تضمن لها معرفة الحقيقة إن حدث لها مكروه. باستخدام إبرة وخيط، خاطت اسمها واعترافًا مرعبًا في حاشية فستانها، لتخلّد لحظاتها الأخيرة.
كشف اللغز
في الخامسة صباحًا، عاد فرانك إلى المكتب، ودار صراع. قاومت جينيفر، لكن فرانك تغلب عليها، وانتحر في النهاية. في حالة من الذعر، تخلص من جثتها، وأخفاها في مكان ناءٍ، واحتفظ بالفستان كتذكارٍ على جريمته. أخفاه داخل جدران المصنع أثناء أعمال التجديد، معتقدًا أنه لن يُعثر عليه أبدًا.
طوال 39 عامًا، ظل اختفاء جينيفر يُطارد عائلتها والمجتمع. لم يفقد والداها، كارول وروبرت والش، الأمل أبدًا، إذ حافظا على غرفتها سليمة، واحتفلا بعيد ميلادها كل عام، معتقدين أنها ستعود.
عندما اكتشف فريق الهدم الفستان عام ٢٠٢٤، أشعل ذلك قضيةً قديمةً دُفنت لعقود. أكد تحليل الطب الشرعي أن البقع كانت دمًا، وطابقه فحص الحمض النووي بجينيفر. كانت الرسالة المخيطة على الفستان دليلًا قاطعًا على كفاحها من أجل البقاء ومحاولتها إيصال حقيقة مصيرها المأساوي.
أعادت السلطات فتح التحقيق، مُفضيةً إلى ديفيد روس، آخر شخص عُرف أنه كان مع جينيفر. يعيش ديفيد الآن حياةً مضطربةً يشوبها إدمان الكحول، فاعترف بكل شيء، كاشفًا حقيقة تلك الليلة المشؤومة. وقاد الشرطة إلى المصنع، حيث عثروا على أدلة إضافية تُؤكد جريمة قتل جينيفر.
العدالة متأخرة
اتُهم ديفيد بالمشاركة في جريمة قتل، ورغم وفاة فرانك روس قبل سنوات، إلا أن شبح أفعاله ظلّ يخيّم على الجميع. في المحاكمة، أقرّ ديفيد بالذنب، مُقرًّا بثقل ذنبه ودوره في التستر على الجريمة. حُكم عليه بالسجن 15 عامًا، وهو جزاءٌ زهيدٌ على جريمةٍ حطمت حياةَ الكثيرين.
حظيت قصة جينيفر باهتمام إعلامي واسع، وأصبحت رمزًا للصمود والسعي الدؤوب وراء الحقيقة. وأخيرًا، وجد والداها، اللذان تجاوزا السبعين من عمرهما، بعض الراحة، بعد أن أدركا أن ابنتهما ناضلت بشجاعة وتركت وراءها رسالة أفضت في النهاية إلى العدالة.
في أعقاب هذا الاكتشاف، أُقيم نصب تذكاري في مدرسة سبرينغفيلد الثانوية تخليدًا لذكرى جينيفر والش، التي ستبقى في الذاكرة إلى الأبد. واحتشد المجتمع حول ذكراها، تاركين الزهور والشموع ورسائل الحزن في موقع المصنع السابق. تُذكرنا قصة جينيفر بأهمية البحث عن الحقيقة، مهما طال الزمن.
أما بالنسبة للفستان الوردي، فقد أعربت كارول والش عن رغبتها في الاحتفاظ به كدليل على قوة ابنتها. خططت لتأطير طرفه، حرصًا على ألا تُنسى كلمات جينيفر. “لم يُنزلني، بل أحضرني إلى هنا”، ستبقى تذكيرًا قويًا بالنضال من أجل العدالة وحب الأم التي لم تكفّ عن البحث عن ابنتها.
لا يزال إرث جينيفر والش قائما، وهو تذكير مؤثر بأنه حتى في أحلك الأوقات، فإن الحقيقة لديها طريقة للظهور، وأن العدالة، على الرغم من تأخيرها، يمكن تحقيقها في النهاية.
كانت جينيفر والش فتاةً ذكيةً وطموحةً في السابعة عشرة من عمرها، معروفةً بذكائها ولطفها. كانت تحلم بالالتحاق بجامعة ولاية أوهايو بعد تخرجها من مدرسة سبرينغفيلد الثانوية. في 18 مايو 1985، كانت متحمسةً لحفل التخرج، فقد ادخرت المال لشراء فستان ساتان ورديّ مثاليّ بأكمام منفوخة.
التقطت والدتها، كارول، ابتسامتها المشرقة في صورٍ فوتوغرافية قبل أن تغادر مع حبيبها، ديفيد روس، الذي كان يرتدي بدلة سهرة زرقاء فاتحة.