قائد دبابة مقاتلة في الحرب العالمية الثانية اختفى عام 1944 — بعد 40 عامًا، ما وجده الباحثون صدم الجميع

في شتاء 1944 القارس البرودة، وفي أعماق غابة الأردين المكسوة بالثلوج في بلجيكا، اختفى دبابة شيرمان أمريكية تُدعى «كيستون فيوري» دون أثر، ومعها طاقمها المكون من أربعة رجال. لم يبقَ سوى شائعة ميدانية وتقرير رسمي بارد: «قتلوا في المعركة». وبينما استمرت الحرب، احتفظت الغابة بأسرارها. في الوطن، رفضت كلارا ثورن، أخت أصغر أفراد الطاقم، تصديق أن أخاها قد رحل إلى الأبد.

مرت أربعة عقود. تغير العالم، وتحول الحزن إلى صمت، وتلاشت القصة إلى أسطورة. لكن في عام 1984، دفع المؤرخ البلجيكي المحلي جانلوك دوبوا، مدفوعاً بقصص عن «دبابة أشباح»، إلى كشف سر مدفون عميقاً تحت الأرض.

داخل الدبابة الشيرمان، عاش أربعة شبان في عالم من الفولاذ والديزل والخوف: الكابتن صموئيل سوليفان، القائد الثابت؛ فرانكي كوستيلو، المدفعجي الحاد النظر من شيكاغو؛ دين بيترسون، الفتى الهادئ من مينيسوتا؛ وليو ثورن، الأصغر سناً، مشغل الراديو. بعد هجوم ألماني مفاجئ، انقطعت الدبابة عن الاتصال، تعرضت لكمين، أُعطبت، وحوصرت في الغابة. كسر ليو ذراعه، جُرح الطاقم، ونفدت الإمدادات. مع ذلك، استمروا في القتال، مدافعين عن حصنهم الفولاذي ما استطاعوا.

ثم حل الصمت. انقطع الراديو، مُحيت رموز النداء، وتلقت العائلات برقية: «قتلوا في المعركة». لا قبر، لا إجابات – فقط أمل متردد بأن الحقيقة ستُكتشف يوماً.بالنسبة لكلارا ثورن، كانت تلك الأربعون عاماً حراسة صامتة. في منزلها بأوريغون، احتفظت برسائل ليو وصوره وميدالياته في صندوق خشبي. كل 18 ديسمبر، كانت تخرجها، تقرأها بصوت عالٍ، وتتحدث إلى أخيها، محافظة على ذكراه حية. لم تتوقف عن البحث عن إجابات، ولم تتخلَ عن الأمل.

تبع جانلوك دوبوا أساطير محلية عن دبابة شيرمان صدت القوات الألمانية عند تقاطع طرق قبل أن تختفي في الثلج. بعد سنوات من البحث باستخدام خرائط وكاشف معادن، أخيراً اصطدم بالفولاذ تحت أرضية الغابة. لقد وجد «كيستون فيوري» – سليمة، مدفونة في خندق من صنع الإنسان.

عندما وصل فريق الاسترداد الأمريكي، عاملوا الموقع كحفرية أثرية. عند فتح الفوهة، وجدوا بقايا الطاقم الأربعة، متجمدين في مواقعهم الأخيرة – لم يعد قبر حرب فحسب، بل كبسولة زمنية للشجاعة والمأساة.

داخل الدبابة، وجد المحققون ليس فقط إمدادات أمريكية، بل علب طعام ألمانية، ضمادات، وأدوية. أظهر التحليل الجنائي أن ليو ثورن بقي على قيد الحياة ستة أيام على الأقل بعد إصابته – أطول بكثير مما تسمح به الإمدادات الأمريكية. بصمات الأصابع على علب الطعام الألمانية تعود للرقيب ماتياس فيبر، جندي ألماني كان يعمل في المنطقة.

الأدلة واضحة: قدم فيبر سراً طعاماً وإمدادات طبية للأمريكيين المحاصرين، مخاطراً بحياته في عمل رحمة يتحدى منطق الحرب.

مخفياً قرب الراديو، وجد الفريق دفتر سجل ليو. بعد الترميم، كشفت الصفحات رواية مباشرة: «جندي ألماني وجدناه اليوم. لا يريد القتال. لديه ابن في عمري…» وصفت المدخلات قدوم ماتياس كل ليلة، يحمل طعاماً، ضمادات، وشنابس لعيد الميلاد. لكن المأساة ضربت: اكتشفت دورية إس إس الأمر. أُعدم ماتياس بتهمة الخيانة خارج الدبابة مباشرة. في لحظاتهم الأخيرة، قاتل الطاقم الأمريكي بشراسة للثأر لمنقذهم، قبل أن تدمر الإس إس الدبابة وتدفنها في صمت.

بعد أربعين عاماً، أُعيدت رفات الأمريكيين الأربعة إلى الوطن ودُفنت بكامل الشرف العسكري. نُشر دفتر سجل ليو، وقصة ماتياس فيبر – الجندي الألماني الذي مات من أجل رحمته – للعالم، مؤثرة في الناس حول العالم.

تلقت كلارا أخيراً دفتر أخيها. علمت أن ليو لم يمت وحيداً أو في يأس، بل عاش وقاتل بكرامة، بفضل لطف عدو.قصة «كيستون فيوري» ليست مأساة حرب فحسب، بل شهادة على قوة اللطف الإنساني. في أحلك لحظات التاريخ، يمكن للرحمة أن تشرق – كفاية لتغيير معنى التضحية، كفاية لشفاء ألم المتروكين.

في قلب معركة الأردين، التي عُرفت باسم «معركة الانتفاخ»، حيث شن الألمان هجوماً مضاداً مفاجئاً في ديسمبر 1944، كانت «كيستون فيوري» واحدة من مئات الدبابات الأمريكية التي واجهت مصيراً مجهولاً. لكن ما يميز هذه القصة هو الجانب الإنساني الذي تجاوز خطوط القتال.

الكابتن سوليفان، بقيادته الهادئة، كان يُعتبر الأب الروحي للطاقم. فرانكي كوستيلو، ببصره الحاد، أسقط عدة دبابات ألمانية قبل الحصار. دين بيترسون، الذي نشأ في مزرعة، كان يحلم بالعودة لمساعدة والده في الحصاد. أما ليو ثورن، البالغ 19 عاماً، فكان صوت الطاقم الوحيد إلى العالم الخارجي عبر الراديو.

عندما انقطعت الاتصالات، بدأ الطاقم في كتابة رسائل وداعية، لكن ليو واصل تسجيل يومياته. هذه اليوميات، التي بقيت محفوظة بفضل البرد الشديد، أصبحت الآن وثيقة تاريخية نادرة تُدرس في الجامعات العسكرية.جانلوك دوبوا لم يكن مجرد مؤرخ. كان حفيد جندي بلجيكي قاتل في الحرب العالمية الأولى، ونشأ على قصص المقاومة والإنسانية. بحثه استمر عشر سنوات، واعتمد على شهادات سكان محليين تذكروا «دبابة أمريكية تطلق النار من خندق».

عند اكتشاف الدبابة، تم التعامل مع الموقع باحترام تام. الجنود الأمريكيون الذين شاركوا في الاسترداد كانوا من أحفاد قدامى المحاربين، وبعضهم بكى عند رؤية البقايا.التحليل الجنائي أظهر أن ماتياس فيبر كان طبيباً ميدانياً ألمانياً، متزوجاً ولديه طفل واحد. رفضه لأوامر الإعدام الفوري للأسرى كان معروفاً بين زملائه، لكنه لم يُسجل رسمياً خوفاً من العقاب.

دفتر ليو يحتوي على رسومات بسيطة: وجه ماتياس، طفله، وحتى شجرة عيد ميلاد صغيرة رسمها بالفحم. هذه التفاصيل البسيطة جعلت القصة تتجاوز الحدود.بعد النشر، أُقيمت مراسم تذكارية مشتركة في بلجيكا، حضرها أحفاد الطاقم الأمريكي وأقارب ماتياس فيبر. أصبح الموقع نصب تذكاري يزوره السياح، ويُروى فيه قصة الرحمة في الحرب.

كلارا ثورن، التي توفيت في 1995، تركت وصية بأن يُدفن دفتر ليو معها. لكن نسخة منه موجودة في متحف الحرب العالمية الثانية بواشنطن.اليوم، تُستخدم قصة «كيستون فيوري» في برامج التعليم العسكري لتدريس أخلاقيات الحرب والرحمة في النزاعات. كما ألهمت فيلماً وثائقياً حاز جوائز.

في زمن يغلب فيه الكراهية، تذكرنا هذه القصة بأن الإنسانية قادرة على الصمود حتى في أحلك اللحظات. ليو ثورن، ماتياس فيبر، والطاقم الأربعة – أصبحوا رموزاً للأمل عبر الزمن.إن كنت تقرأ هذا، تذكر: مهما طال الزمن، لا تُنسى الحقيقة ولا أعمال اللطف. لا أحد مفقود حقاً، ما دام هناك من يحافظ على العهد بتذكره وسرد قصته.

Related Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *